العظيم في كتابة شخصية توني سوبرانو هو أن توني ليس نابغة ولا عبقري ذو IQ مرعب مثلاً، ولا مقاتل أو gunman محترف، ولا يمتلك أي نوع من الsuperpowers التي يحشرها كتاب المسلسلات هذه الأيام في أي شخصية مسلسل جريمة.
توني إنسان عادي، ينسى ويخاف ويقلق ويخونه ذكاؤه وتدبيره في كثير من المواقف. ولكن الذي يميزه أن لديه غريزة زعامة ذكورية طاغية، هي التي قصدها سيلڤيو عندما قال: "This attitude of you, it's probably what has made you an effective leader."
توني هو الذكر الأكبر في العشيرة البشرية الأولى. جميع نساء العشيرة ليس لهن إلا الخضوع والإذعان له. جميع خيرات القبيلة هي ماله وملكه يتصرف فيها بمشيئته. جميع الذكور الآخرين في العشيرة مسموح لهم بكلمتين فقط هما "yes, Tony." هو الفرد الذي على أكتافه وحده تنعقد آمال القبيلة في التوحد على قلب رجل واحد بدلًا من التفرق والضياع.
قد يكون مشهد سيلڤيو وهو يقارن توني بزعماء مثل نابليون بونابرت مؤسس الإمبراطورية الفرنسية الحديثة أو وينستون تشرشل زعيم بريطانيا في الحرب العالمية يبدو مشهد كوميديًا فعلًا، ولكن سيلڤيو لا يرى أي غرابة في مقارنة توني بهؤلاء، لأنهم جميعًا في نظره "top guys"، جميعهم لديهم تلك الغريزة التي لدى توني، والتي من دونها يبقى شخصًا عاديًا لا يستطيع قيادة عائلات من الخارجين عن القانون.
توني شخص عنيف جدًا وبلا رحمة عندما يكون العنف هو الاختيار الوحيد أمامه، وفي نفس الوقت براغماتي بامتياز فيما يتعلق بشؤون المافيا. ليس الشخصية النرجسية المندفعة التي على استعداد لدخول حرب شوارع من أجل شيء تافه. هو يرى السلام نعمة يجب الحفاظ عليها بأي ثمن لاستمرار البيزنس، حتى ولو كان الثمن قتل ابن عمه بنفسه ببندقية يدوية للتخلص من صداع جوني ساك وتلافي حرب شوارع بين الجماعتين.
صعب جدًا أن تقول لكاتب مسلسل أن يكتب شخصية لا تخضع للصوابية السياسية ولا تتمتع بقوة خارقة أو ذكاء غير محدود، وفي نفس الوقت تبقى شخصية أسطورية تجذب انتباه المشاهد وتموته ضحك في كل لقطة وتعيش في ذاكرة المشاهدين لعقود من السنين.
ربما هذا أحد أهم الأسباب الذي جعله شخصية أيقونية.
ليه توني سوبرانو أعظم شخصية درامية بالنسبة لي !
مستحيل شخص يتفرج على مسلسل Sopranos كامل وما يحبش شخصية توني سوبرانو غصب عنه، لإنك شبه مؤكد هتلاقي فيه جزء منك ومن شخصيتك. هتشوف الإنسان بكل تعقيداته الداخلية العميقة، مش بشكل سطحي.
توني، الشخص خفيف الظل واللي بيتنمر على طوب الأرض، لكنه في نفس الوقت بيتعالج نفسياً من كثرة الضغوطات اللي بيتعرض لها.
توني، زعيم العصابة اللي طول الوقت بيحاول يوازن بين حياته الشخصية وحياته في عالم الجريمة.
توني، الإنسان اللي قلبه كله رقة وبيتعامل بكل حب مع عائلته وأصدقائه والناس اللي بيحبهم، وفي نفس الوقت بيتعامل بمنتهى القسوة مع أعدائه.
يخليك دايماً تسأل: هو إزاي الشخص ده قادر يتحول ويبقى الشخص ده؟
لكن الحقيقة هي دي حقيقة "الإنسان"، كائن على قد ما هو ممكن يبقى بسيط على قد ما فجأة ممكن يتحول لكتلة عقد وتناقضات لو اتعرض لضغوط معينة أو لعوامل فرضها عليه المجتمع والظروف المحيطة بيه.
في حب توني سوبرانو.
"عندما فتحت أمريكا أبواب الهجرة وسمحت لنا نحن الإيطاليين بالقدوم، لماذا تعتقدين أنهم كانوا يقومون بذلك ؟ لأجل إنقاذنا من الفقر ؟ لا، لقد فعلوا ذلك لأنهم احتاجوا إلينا. كانوا بحاجة لنا لبناء مدنهم وقطارات أنفاقهم، ولنجعلهم أكثر ثراءً. عائلتا كارنيجي وروكفلر احتاجتا لعمّال وكنا هنا لذلك. لكن، بعضنا لم يرض بأن يبق تحت سيطرتهم وأن نخسر هويتنا، أردنا أن نبقى إيطاليين وأن نحافظ عن الأمور التي كانت لها قيمة بالنسبة لنا، الشرف، والعائلة والولاء. وبعضنا أراد جزءًا من الأرباح، صحيح أننا لم نكن مثقفين مثل الأمريكيين، لكن كانت لنا الجرأة لأخذ ما نريده".
يقول هذه الكلمات توني سوبرانو في إحدى جلساته العلاجية. لم يكن يخاطب طبيبته النفسية ميلفي فقط، بل كان يخاطب المجتمع الأمريكي، والعالم بأكمله.