القتل بالامتناع: جريمتنا الجماعية بحق غزة

الأصل في القتل أنه فعل إيجابي، أي أن تقوم بفعلٍ ما لقتل شخصٍ آخر.

لكن هناك حالة في القانون، يعاقب فيها القاتل دون أن يفعل شيئاً! أو بالأحرى، لأنه لم يفعل شيئاً، وهي ما يعرف باسم القتل بالترك، أو بالامتناع؛ وهي أن تشاهد شخصاً ما يموت أمامك فتمتنع عن نجدته وتتركه لمصيره.

واشترط الفقهاء في هذه الحالة لإيقاع العقوبة، أن يكون القاتل السلبي قادراً على المساعدة، لديه الوقت الكافي للمساعدة، ولديه مسؤولية ما تجاه الشخص الذي يواجه الموت.

والأمثلة كثيرة..

بل إن في القانون هناك حالة يكون فيها القتل بالترك دون مبرر تنطبق عليه جميع أركان القتل العمد، وهنا يستوجب عقاب القاتل بالترك بتهمة القتل العمد.

الجرائم السلبية هي الجرائم الواقعة بطريق الامتناع، ويتألف ركنها المادي من إحجام الجاني عن إتيان فعل إيجابي مفروض عليه إتيانه، كواجب قانوني، بافتراض قدرته عليه. والجرائم السلبية بهذا المعنى جرائم استثنائية أقرتها عدالة المشرع احتراماً وتحقيقاً لبعض الاعتبارات الأخلاقية.

فجوهر الجريمة السلبية، وجود واجب يفرضه القانون، بإنزال العقاب على مجرد الامتناع عن القيام بفعل معين، فإذا تحقق الامتناع أو الإحجام عن القيام قامت الجريمة السلبية لأن القانون الجنائي قواعده آمرة، وعندما يأمر بأتيان عمل يكون الامتناع عن إتيانه جريمة سلبية.

أحياناً يكون امتناعك عن فعل شيء مطلوب منك، كأنك فعلت ما لا يجب أن تفعله بل وأكثر!

المؤسسات الإنسانية والدولية والعربية والإسلامية مجتمعة حالياً متهمة بارتكاب الجريمة السلبية بالامتناع والإحجام عن اتخاذ إجراءات نافذة لوقف الاعتداءات العرقية والإبادة بحق المدنيين في كافة مناطق قطاع غزة والأرض المحتلة.

جوهر الجريمة السلبية، وجود واجب يفرضه القانون، كامتناع الطبيب عن علاج المريض أو امتناع الممرضة عن إعطاء جرعة الدواء. وبالتالي يجب أن يكون الواجب مفروضاً على الشخص ليتحقق شرط إنزال العقاب عليه بمجرد الامتناع.

القانون الجنائي قواعده آمرة، وعندما يأمر بأتيان عمل يكون الامتناع عن إتيانه جريمة سلبية. وبالتالي لا فرض = لا عقوبة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال