عزيزتي هاجر..
إن حبي عظيمٌ لفصل الشتاء، رغم كل ما يسببه لي من ضرر نفسي، ولكن هذه هي القاعدة في الحب.. إننا لا نحب إلا ما يؤذينا، سوي مَن يعذبنا، نحب الشتاء والسهر والدُّخَان والجنس الآخر والوحدة والكتابة والوطن.أُحب الشتاء رغم مناعتي الضعيفة التي لا يُفلح معها أمصال أو ملابس ثقيلة، أُحبه رغم شمسه الخائنة التي يغلق غيابها كل مسام الروح.. أحبه رغم رياحه التي تمنعني من أن أجد نديماً يشرب معي الشاي بالأيام، أحبه رغم قسوة المشوار من أسفل ماء الدش الساخن إلي غرفتي، أحبه رغم ليله الطويل الذي يمتلئ بالوحشة والحزن والأرق، بلا مقدمات وبلا نهاية.
عبثاً أُقنع نفسي أني أحبه لملابسه الوقورة وأنكر لأنه جمعني بكِ ذات يوم.. رحلتِ أنتِ، ورحلَ الشتاء، ورحلَ الجميع؛ ولم يبقى بعدكِ إلا اشياءٌ تُعذبني. واليوم فقط أدركتُ أن الحب يُقاس باللهفة، وأنتِ خطيئةُ لهفتي..
وأسفاً أعددتُ لكِ في قلبي زاوية لا يتوقف فيها المطر .. وحده المطر سيكون الحاضر الوحيد على حفل الحنين، الذي أُقيمهُ على شرف امتلاء ذاكرتي بك. لو أنك كنت تدركين أي عاشقٍ قد خلفت وراءك، لما كنت تركتهِ واقفاً على عتبات المطر وحيداً يطرقُ أبوابَ الإنتظار.
أعلن اليوم يا صغيرتي، أنني رجلٌ لم يعد صالحاً للإستهلاك. شجرة باعت أورقها واحترفت الخريف. عصفور قتل حنجرته وأعتزل الغناء. صيفٌ مشمس ألدّ أعدائه؛ أنا وأنتِ والمطر..